جريمة الإجهاض
يمكن تعريف الإجهاض بأنه الفعل الذي
من شأنه إنهاء حالة الحمل عبر قتل الجنين في رحم أمه أو إخراجه عمداً من رحمها قبل
الموعد الطبيعي لولادته، حتى ولو خرج حياً وقابلاً للحياة. ولا يعتبر إجهاضاً إذا
خرج الجنين من الرحم حياً أو ميتاً نتيجة أعراض صحية أدت إلى تقلصات في عضلات
الرحم.
وقد حرصت أغلبية التشريعات على
معاقبة فعل الإجهاض واعتباره جريمة جزائية لأنه يشكّل اعتداء على حق الجنين في
الحياة وفي نموه الطبيعي داخل الرحم حتى الولادة الطبيعية، كما يشكّل اعتداء على
صلاحية المرأة في الحمل والإنجاب، وكذلك على حق المجتمع في التكاثر ضماناً
لاستمراره وازدهاره.
I.
عناصر جريمة الإجهاض
ينص الفصل 449 على أنه :" من
أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يضن أنها كذلك، برضاها أو بدونه سواء كان ذلك
بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحاليل أو عنف أو أية وسيلة أخرى، يعاقب ...".
كما ينص الفصل 453 على أنه: "لا عقاب على الإجهاض إذا استوجبته ضرورة
المحافظة على الأم متى قام به علانية طبيب أو جراح بإذن من الزوج..."
1. محل الجريمة / الجنين
محل الاعتداء في جريمة الإجهاض هو
الجنين و التشريعات المختلفة تنص على حماية هذا الأخير في ذاته مستقلا عن أمه
وتصون حقه في الحياة داخل الرحم حتى ولادته الطبيعية.
2. نشاط مادي يأتيه الجاني
و يتمثل في كل فعل أو سلوك يقوم به
الجاني مستهدفا به المرأة الحامل بغرض إسقاط جنينها ووضع حد لحياته. وقد جاء الفصل
449 شامل حيث لم يحدد وسيلة بعينها يتحقق بها النشاط المادي في جريمة الإجهاض
فيستوي أن يتم ذلك بالعنف أو باستعمال العقاقير أو طعام أو شراب أو تحاليل أو أي
وسيلة أخرى. ويذهب بعض الفقه إلى أن الوسيلة المستخدمة في الإجهاض قد تكون معنوية
كتهديد المرأة الحامل أو تخويفها أو ترويعها.
ثم إن رضا المرأة الحامل لا أثر له على قيام الجريمة فيستوفي أن توافق
على إجهاضها أو ترفض ذلك، كما تقوم الجريمة في حال الاحتيال عليها كإعطائها مواد
أو عقاقير دون علمها، أو إيهامها بإجراء فحص طبي لها فيتم استئصال حملها عن جهل منها.
وإذا تحققت النتيجة الإجرامية من
الفعل المادي وهي القضاء على الجنين تتحقق جريمة الإجهاض بصورة كاملة و تامة أما
إذا لم تتحقق النتيجة فإننا نكون بصدد محاولة إجهاض عاقب عليها المشرع الجنائي
بمقتضى الفصل 449 و الفصل 455.
3. انتفاء الخطر على حياة الأم أو صحتها
يسمح المشرع بالإجهاض إذا استوجبت
ضرورة المحافظة على صحة الأم و انقاد حياتها طبقا للفصل 453 ق.ج بمعنى أنه إذا كان
الحمل يشكل خطرا على صحة الأم أو حياتها فانه يجوز القيام بإجهاضه. و قد حددت الفصل
453 الإجراءات القانونية الواجب القيام بها إذا استوجبت الإجهاض ضرورة المحافظة
على الأم و ذلك بنصها على أنه :"لا عقاب على الإجهاض إذا استوجبته ضرورة
المحافظة على الأم متى قام به علانية طبيب أو جراح بإذن من الزوج".
4. القصد الجنائي
يتحقق القصد الجنائي في جريمة الإجهاض بتوافر
عنصري العلم و الإرادة.
Ø
عنصر العلم
يقتضي أن يكون الفاعل عالما بأن المرأة التي توجه إليها حاملا أما إذا كان جاهلا
بذلك و أدى فعله إلى إجهاضها فانه لا يسأل عن جريمة الإجهاض و إن كان من الممكن
تحقق جريمة أخرى في حال توافر عناصرها. ولا يشترط في هذا العلم أن يكون يقينيا بل
يكفي أن يضن الفاعل أن المرأة حاملا حتى يتحقق عنصر العلم لديه حسب ما نص عليه الفصل
449 "... من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يضن أنها كذلك..."
Ø
عنصر
الإرادة فيقتضي أن تتجه إرادة الجاني إلى القيام بالفعل الإجرامي و تحقيق النتيجة
الإجرامية و المتمثلة في إجهاض الجنين أي وضع حد لحياته فالإرادة تمتد لتشمل
النشاط و النتيجة معا، أما إذا لم تنصرف إرادة الشخص إلى تحقق هذه النتيجة فلا
يسأل عن جريمة الإجهاض و لو تحققت النتيجة فعلا.
II.
ظروف التشديد في جرائم
الإجهاض
إذا كان المشرع قد حدد عقوبة جريمة
الإجهاض في الحبس من سنة إلى خمس سنوات و غرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم فإنه
شدد هذه العقوبة في حال اقترنت جريمة الإجهاض
بإحدى ظروف التشديد .
1. موت المجني عليها الحامل
إذا ترتب
عن الإجهاض موت المرأة الحامل فان العقوبة
طبقا للفصل 449 ق.ج هي السجن من 10 سنوات إلى 20 سنة . سواء كان الإجهاض بموافقتها أو بدونه
2. اعتياد الجاني ممارسة للإجهاض
ورد في الفصل 450 ق.ج أن ممارسة
الجاني للإجهاض بصفة معتادة تعد ظرف تشديد لعقوبة الحبس لتصل إلى عشر سنوات و
غرامة مالية تقدر بألف درهم في حالة عدم اقتران الإجهاض بموت المجني عليها، أما
إذا اقترن بموتها فالعقوبة هي الحبس من عشرين إلى ثلاثين سنة. و لم يحدد المشرع
عدد المرات التي يتحقق معها الاعتياد بل ترك الأمر للقاضي يستنتجه من ملابسات و
وقائع و ظروف كل قضية على حدة. كما لا يتحقق عنصر الاعتياد في حق المرأة الحامل
إذا أجهضت المرأة نفسها مرارا بل يتحقق فقط في حق الغير.
3. المساعدة و التحريض على الإجهاض :
فبخصوص المساعدة تنص الفصل 451 من
القانون الجنائي على أن " الأطباء و الجراحون و ملاحظو الصحة و أطباء الأسنان
أو الصيدلة و عمال الصيدليات و العشابون و المضمدون وبائعو الأدوية الجراحية و
الممرضون و المدلكون و المعالجون بالتسبب و القابلات العرفيين الذين يرشدون إلى
وسائل تحدث الإجهاض أو ينصحون باستعمالها أو يباشرونها يعاقبون بالعقوبة المقررة
في أحد الفصلين 449 و 450 على حسب الأحوال. و يحكم على مرتكب الجريمة علاوة على
ذلك بالحرمان من مزاولة المهنة المقررة في الفصل 87 إما بصفة نهائية أو مدة محدودة".
أما بخصوص التحريض على الإجهاض فقد
نص الفصل 455 على أنه :" يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين و غرامة من مائتين إلى
ألفي درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من حرض على الإجهاض و لم يؤدي هذا
التحريض إلى نتيجة ما.
ما هو مدة تقادم بخصوص تهمة التحريض عن الإجهاض
ردحذف